اخبار بارزة

هل من يساعدنا… ونحن بساق واحدة!؟

يأتي رئيس ويذهب آخر. يضربون لنا المواعيد، ويحددون لنا لائحة مطالب أشبه بفروض مدرسية، ويغادرون محددين وقت العودة “للتشييك” على ما أنجز. جاء ماكرون وغادر فاتحاً الباب لزيارة ديفيد شينكر. الأخير أعلن قبل مجيئه أنه لن يلتقي أياً من المسؤولين اللبنانين.

التقى “الثوار” وأطلق مواقفه المعتادة. ماكرون فعل الأمر نفسه. لكنه تلا طلباته بأسلوب يكرّس الإعتقاد السائد لدينا بأننا جمهورية من جمهوريات الموز الشهيرة.

صحيح أن قسماً من اللبنانيين يعيشون نوعاً من التشفّي بزعماء هذا البلد، ويختبرون ضرباً من ضروب السعادة للطريقة التي يدير بها الرئيس الفرنسي تعاطيه مع زعاماتنا.

لكن المؤكد بالنسبة لنا، نحن اللبنانيين الذي نحترم أنفسنا، أن زعاماتنا كان عليها أن تستقيل على أن تضع نفسها في هكذا موقف.

قد لا نتفق مع ما فعله ماكرون، ولو أنه يفتح للبعض نافذة أمل بتغيير سيحصل بقوة التهديد، لكن الحديث عن عودة الإستعمار والإنتداب يظهر وكأنه إجترار للأزمة في غير محلها.

لا يدخل هذا الكلام في سياق إنكار ما يدأب عليه كل قوي في هذا العالم، لكن من باب التفكر في واقعنا الذي أوصلنا إلى هذا الخراب ويفتح الباب أمام ماكرون وغيره ليعاملنا كما يشاء.

فنحن لم نشكل معارضة سياسية ذات قيمة، إزاء المسائل الخلافية، وأولها سلاح “حزب الله”، حيث يدخل هذا في لعبة السجال اللبناني المملّ منذ أكثر من عشر سنوات.

أما الإنتفاضة، فمن المؤكد أنها لم تحقق أي إنجازات فعلية، وكان واضحاً بعد نحو شهر على مضي الحراك الشعبي أن الإنتفاضة فشلت في إخراج قوى وشخصيات موحدة وفاعلة ومتماسكة تكون سلطة بديلة تفاوض وتفرض شروط اللبنانيين تحت ضغط الشارع. إذ كما العادة، كانت الطائفية بالمرصاد، ونجحت الزعامات في فرط عقد من هبوا دفاعاً عن حقوقهم.

أما السلطة الحالية، وهي أشبه بسبحة قديمة لا تفعل سوى تغيير لون حباتها، لا تعبّر إلا عن خواء وعجز وحضيض. سلطة تبدأ من رأس الهرم وتصل إلى أصغر موظف، لم تعطنا سوى العجز عن فعل أي شيء. وآخرها أمام كارثة كبرى كإنفجار مرفأ بيروت.

هذا الفراغ العقيم يسمح لمطلق رئيس أي دولة قوية أن تتصرف معنا وكأنها الناطقة بلساننا والعارفة بصالحنا أكثر منا.

لا يلام ماكرون على كل ما فعله. على العكس، بعضنا كان يائساً إلى درجة طلب المساعدة المباشرة منه من دون المرور بأي إدارة رسمية. إلى هذا الحدّ يشعر المواطن بأنه في بلد لا سلطة فيه، فهل يصح أن نطلق صفة “الإستعماري” على من يحمل حلاً نحن غير قادرين على السير فيه بمفردنا؟

ربما يجد ماكرون فرصة لتسويق ما يريده والضغط لتحقيقه، غير عابىء بما نراه عليه أو نصفه به. نحن ضعفاء إلى الحد الذي يخول له ولغيره فعل ما يشاء.

إنه الفراغ الذي يعني أننا استنزفنا كل محاولات النهوض وفشلنا. وهذا الكلام ربما يكون مفيداً لكل من يقف خلف تجارب سياسية اختبرناها ولم تفلح في شيء.

فهل أوصلتنا القومية العربية واللبنانية إلى بلد؟ هل نجحت الحركات الماركسية والإشتراكية والبعثية في وقف انهيارنا؟ هل أوقفت الزعامات التقليدية والحديثة عن التوريث؟

الجواب هو لا. وهذا يعني أن الفشل المتواصل يقودنا إلى ما وصلنا إليه. فلنتقبل هذا الواقع، لعل ماكرون وسواه يحملون لنا ما يساعدنا على النهوض، ولو بساق واحدة.

المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة