في لبنان: ومِنَ الحبّ… ما قتلنا
كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
بعضُ الحبّ يُحيي… وبعضُه يقتل. فأشكالٌ كثيرة يرتديها الهوى، منها الذي يضخّ الحياةَ والفرح، ومنها ما قد يتحوّل إلى ما يشبهُ الكابوس، حينما يحلّ الهوسُ لا بل الغباء، وقصصُ الانكساراتِ والانتحار خيرُ دليل.
كثرٌ يعشقونَ حتى الجنون، فيُصبح حبّهم مرضًا مؤذيا لهم ولمن ابتُلِيَ بحبّهم. في لبنان، نوعٌ آخرَ من الحبّ لا تجدهُ في أيّ مكانٍ آخر… حبٍّ هو أقربُ إلى الهوسِ، يُعمي العيونَ والقلوب ويقتلُ وطنًا بكامله.
فصدّقوا أو لا تصدّقوا، في بلدنا المنهوبِ، المدمّرِ، العائمِ بالفساد والسّمسرات والسّرقات والمحسوبيات… هناكَ أشخاصٌ يعشقون مسؤولينَ وحكّامًا ويعلّقون صورهم في منازلهم، يحلُفون باسمهم، والأسوأ يبرّرون لهم كلّ خطاياهم.
في بلدنا، حبٌّ أعمى لمن عاثوا فيه خرابًا وانهيارا، حبٌّ ارتقى لدرجةِ غباءٍ لا يوصفُ، أصابَ أولئك الذين لا ينفكّون يدافعون عمّن فقّروهم وأطاحوا بحاضرهم ومستقبلهم وجنى ماضيهم.
في بلدنا، الذي انفجرت عاصمتُه ودُفن شعبهُ في واحدٍ من أسوأ الانفجاراتِ في التاريخ، هناك من لا يزالُ يدافعُ عمّن كانوا يَعلَمون بما يحويهِ المرفأ من قنبلةٍ موقوتة… وسكتوا.
في بلدنا الغارقِ في العتمة، حيث لا تجدُ دواءً ولا قدرة على الطبابة، حيث يلاحقكَ الذلُّ من السوبرماركت إلى المحطة والفرن، في بلدنا المتدحرجِ إلى جهنّمَ الموعودة، البعضُ يعشق من فعلوا بنا كلّ ذلك، لا زالوا يصفّقون لهم ويدافعون عنهم… قوموا بجولة على مواقع التواصل وستشاهدون كمّا كبيرا من هذا “الحب الغبي”.
الحقّ يقال، حبّهم هذا لا يؤذيهم، إنما يؤذينا جميعا، لا بل يقتلنا. حبّهم الأعمى للمافيا التي تحكمنا، هو أقبحُ أنواعِ الحب، لا بل أغباه.
أمنيةٌ أخيرة يا ليتَها تتحقّق: عيدُ الحبّ يقترب وكذلك الانتخابات… أحبّوا في الأوّل من يبادلُكم المشاعرَ الجميلة، أما في الثاني فأحبّوا وطنكم، وعاقبوا كلّ من كانَ السّبب، وإلا سيصحّ القولُ الآتي: “ومن الحبّ ما قتلَ وطنًا بكامله”…