عرب وعالم

“نبيع طعامنا للحصول على ثمن الوثائق”.. لعنة داعش تطارد الأسر العراقية في المخيمات

تنقلت الشابة العراقية تقى عبد الله مع أفراد أسرتها من مخيم للنازحين إلى آخر خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن الأمل لايزل يحدوهم في أن يعودوا ذات يوم إلى ديارهم.

كانت تقى في سن الرابعة عشر لا أكثر عندما اصطحب والدها الأسرة إلى الموصل وقت أن كانت المدينة معقلا لتنظيم الإرهابي.

وورثت تقى إرثا قد يحتاج محوه إلى أجيال. وفي نفس الوقت تنفد الاختيارات المتاحة أمامها.

فعندما سيطرت القوات العراقية على الموصل في الأيام الأخيرة لهيمنة داعش على المدينة، والتي استمرت ثلاث سنوات، قُتل والدها وأشقاؤها الأكبر.

أما أفراد الأسرة المتبقين من بين آلاف كثيرة من أقارب المتهمين بالانتساب لداعش، فقد انتقلوا إلى مخيمات نزوج مؤقت، ولكن حكومة رئيس الوزاء العراقي مصطفى الكاظمي باشرت في إغلاق المخيمات الباقية، معتبرة أن ديار الأسر أولى بها.

لكن كثيرا من المقيمين في المخيمات ما زالت مجتمعاتهم المحلية تمنعهم من العودة قائلة إنهم كانوا ضمن التنظيم الذي فرض حكمه الوحشي على أجزاء كبيرة من شمال العراق.

وعندما تم إغلاق مخيم “الجدعة-1” الذي كانت تقيم فيه تقى وأسرتها لم يعودوا إلى قريتهم بالقرب من بلدة القيارة في شمال العراق مفضلين الذهاب إلى مخيم “الجدعة- 5”.

وقالت تقى التي تقيم في خيمة مع والدتها وجدتها وأشقائها الأصغر “ليس لنا مكان نذهب إليه إذا أغلقوا هذا المخيم”.

“ليس أمامنا سبيل سوى الانتحار”
وكانت الحكومة العراقية أعلنت ان ثلاثة مخيمات فقط ما زالت مفتوحة من بين 47 مخيما خارج إقليم كردستان، وإنها تأمل في إغلاق المخيمات الثلاثة بحلول أوائل العام المقبل وترفض قول منظمات إغاثة إنسانية إن عملية الإغلاق متعجلة للغاية.

وليس من الواضح متى يتم إغلاق 26 مخيما في إقليم كردستان شبه المستقل.

ولجأ أيضا أحمد خليف وأسرته إلى “مخيم الجدعة-5” خلال عمليات إغلاق المخيمات الأخيرة رغم أن ديارهم لا تبعد عن المخيم سوى حوالي 15 كيلومترا.

وقال خليف: “إذا أغلقوا الجدعة لن يكون أمامنا مكان نذهب إليه. ليس أمامنا غير الانتحار”.

قال نجم الجبوري محافظ نينوى التي توجد فيها مخيمات الجدعة لرويترز إن بعض أفراد الأسر المتهمة بأنها كانت مع تنظيم داعش يمكنهم العودة إلى ديارهم لكن لم يتم بعد التوصل إلى حل وسط حول العودة مع بعض زعماء العشائر.

وقال الجبوري: “يبقى عدد يجوز أن يصل إلى ألف عائلة أو أكثر من الصعوبة أن يرجعوا إلى أماكنهم”.

“هؤلاء لا عودة لهم”
وبالقرب من بلدة القيارة حيث يوجد مخيم الجدعة كان عبد الكريم الوكاع زعيم عشيرة الجبوري من بين من قرروا مصير أقارب أعضاء تنظيم داعش خلال اجتماع عقد عام 2016.

يقول الوكاع إن من بايعوا داعش أو تباهوا بها أو استفادوا منها ممنوعون من العودة إلى ديارهم.

واصل خليف عمله سائقا لسيارة أجرة تحت حكم داعش مما جعله موضع شبهة استغلال الصلات الأسرية. وقال إن ثلاثة من أبنائه في السجن لصلاتهم بالدولة الإسلامية.

ويقول حسين علي، ابن مختار بلدة خليف والمسؤول عن ملفه، إنه يتمنى عودة جميع الأسر لكن السلطات المحلية لا يمكنها ضمان سلامة خليف.

وحتى إن لم تكن موضع شبهة فإن الأسر المرتبطة بتنظيم داعش تحتاج غالبا إلى القيام بعملية أكثر بيروقراطية وتكلفة لتجديد بطاقات الهوية أو غيرها من الوثائق.

وقالت تقى إنها وأفراد أسرتها ظلوا خلال الشهور الماضية يبيعون حصص الطعام التي يحصلون عليها من المخيم يحدوهم الأمل في أن يكون لديهم من المال ما يكفي لتجديد وثائقها وأن تكون قادرة على العمل.

وأوضح الجبوري، محافظ نينوى، إنه قلق من أن الأسر عاشت معا في عزلة قترة طويلة، مضيفا أن الحكومة ما زالت تبحث عن مخرج آمن لإعادة دمجهم.

وقال: “عندنا الثأر موجود. لا تقدر كل الأسر أن ترجع إلى مناطقها. هذه معضلة حقيقية تواجهنا ونحاول نلاقي حلول لها”.
المصدر: الحرة

مقالات ذات صلة