مُنيت العملات المُشفّرة بخسائر كبيرة في غضون الأيام الماضية، لتنخفض أشهرها بتكوين إلى أدنى مستوياتها خلال عام ونصف لأقل من 24 ألف دولار، مما يثير مخاوفًا بشأن مستقبلها مع استمرار الاضطراب في الأسواق العالمية.
ووفقا لموقع “كوين ماركت كاب” للبيانات، انخفضت قيمة سوق العملات المشفرة إلى 926 مليار دولار، في الوقت الذي تراجعت بتكوين حوالي 10 بالمئة إلى أدنى مستوى في 18 شهرا عند 23950 دولارا.
ويعكس تراجع بتكوين انخفاض سعرها بنسبة 65 بالمئة مقارنة بأعلى مستويات سجّلتها بتكوين في تشرين الثاني من العام الماضي.
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاديون، أن التراجع في سعر بتكوين يعود إلى رغبة بعض المستثمرين في التخلص من تلك العملات وسط عمليات بيع واسعة النطاق في الأصول الخطرة.
وهوت القيمة السوقية للعملات المشفرة دون تريليون دولار للمرة الأولى منذ مطلع 2021.
بدوره، يعتقد المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات في لندن، طارق الرفاعي، أن العملات المشفرة ترتبط بشكل أساسي وبعلاقة قوية مع أداء مؤشر “ناسداك” التكنولوجي، وهذا يعني أنه بالتوازي مع انخفاض هذا المؤشر بحدة خلال الأيام الماضية، تهبط العملات المشفرة أيضًا.
وأرجع الرفاعي، السبب في ذلك إلى تأخر البنوك المركزية في رفع سعر الفائدة، مع الارتفاع المضطرد في نسب التضخم، مما يدعو إلى خلق حالة من القلق بالنسبة للتوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي.
وأوضح أن العملات الرقمية ستأخذ وقتًا لتصحيح أوضاعها بعد الانهيار الكبير، مما يشبه انخفاض البتكوين في العام 2017 بنحو 80 بالمئة، ولم ترتفع لما يزيد عن 19 ألف دولار سوى بعد 3 سنوات، مضيفًا: “قد نرى هذه الفترة مشابهة لذلك، وبالتالي لن تعود العملات الرقمية ارتفاعا كما عايشناه العام الماضي سوى بعد عدّة سنوات”.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، رشاد عبده، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية” إن “هذا أمر متوقع بالنظر إلى الحرب الروسية الأوكرانية والتي ترتبط بما يسمى بمرحلة عدم اليقين وقلق المستثمرين والمخاوف من تطور تلك المعركة أو التمادي فيها، وبالتالي ففي هذه الفترة يميل الأشخاص إلى الادخار وعدم الاستثمار، مما تسبب في انخفاض الطلب على تلك العملات، في أعقاب إعلان بعض الدول مثل الصين عدم التعامل بها”.
ولا تزال الحكومة الصينية تحظر على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات العملات المشفرة.
وأشار عبده إلى أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار العملات الرقمية مجددًا، لكنها لن تهبط كثيرًا، وما إن تستقر الأوضاع السياسية والاقتصادية حتى تعاود الارتفاع مرة أخرى.
وأوضح أن التداول بالعملات الرقمية رغم التكنولوجيا الحديثة سيظل محفوفا بالمخاطر كطبيعة الاقتصاد والبورصة العالمية.
ومع هبوط بتكوين هوت العملات المشفرة الأخرى مع استمرار عمليات البيع على نطاق أوسع، كما انخفض مؤشر (MVIS 100)، الذي يقيس أفضل 100 رمز مشفر بنسبة تصل إلى 9.7 بالمئة.
وفي الوقت نفسه، جمدت شركة إقراض العملات المشفرة الأمريكية الكبرى “سيوليس نيتورك” (Celsius Network)، عمليات السحب والتحويلات مستشهدة بظروف قاسية، في أحدث مؤشر على أن اضطراب السوق المالي يسبب ضائقة في عالم العملات المشفرة.
ورغم تلك الاضطرابات، يرى الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات أن مستقبل العملات الرقمية واعد جدًا، لأنه يتم الحاجة إليها في الكثير من المعاملات التي توفر الوقت وبكفاءة أعلى من العمليات العادية، وكذلك في التحويلات المالية والتبادل التجاري.
وقال: “لكننا نواجه مشكلة تتعلق بالمضاربة في العملات الرقمية، والعالم في طريقه لإنهاء تلك الحالة”.
المصدر: سكاي نيوز عربية